إذا ما أردنا أنْ نعرف موقع ثمر النخيل من حياة المسلم، فإننا لا نحتاج إلى مزيد قول أو تعليل، حيث تواترت فيه الآيات والأحاديث والمأثورات، فلا آكد على ذلك من أمر الله تعالى للصديقة مريم في أشدّ ظروفها وأحلكها:﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾ كما صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنّه يقول: ((بيتٌ لا تمر فيه جياعٌ أهله))، وإلى جانب ذلك فقد أوصى عليه الصلاة والسلام بالتصبح بالتمر، وذلك فيما صحّ من قوله: ((من تصبّح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر)). ولا أدلّ على فضيلة التمر في الإسلام من قوله عليه السلام: ((إذا أفطر أحكم فليفطر على تمر، فإنه بركة، فإن لم يجد تمرًا فالماء)).
وإلى ما ذُكر من نصوص من الكتاب والسنّة، فقد حفظت لنا كتب السلف عددًا من الأقوال التي تُلحّ على فضل التمر وتُبيّن مدى أهميته، من قبيل قول ابن قيم الجوزية في كتابه المسمى (الطب النبوي): ((وفي البلح برودة ويبوسة، وهو ينفع الفم واللثة...والتمر مقوٍّ للكبد مليّن للطبع، يزيد في الباه)). ومن قبيل قول صاحب كتاب (الأحكام النبوية في الصناعة الطبية): ((التمر غذاء فاضل حافظ لصحة أكثر الأبدان، مقوٍّ للحرارة الغريزية)).
وفي هذا السبيل يُعلّق ابن حجر في (فتح الباري) على حديثه صلى الله عليه وسلم الذي شبّه فيه النخلة بالمسلم، فيقول: ((وبركةُ النَّخلة موجودةٌ في جميع أجزائها مستمرة في جميع أحوالها؛ فمن حين تطلع إلى أنْ تيبس تؤكل أنواعًا، ثم بعد ذلك يُنتفع بجميع أجزائها حتى النوى في علف الدواب واللِّيف في الحبال وغير ذلك مما لا يخفى)). وقد ورَد أنّ من نصيحة لقمان لابنه قوله: ((يا بني ليكن أوّل شيء تكسب بعد الإيمان خليلًا صالحًا، فإنّما مَثل الخليل كمَثل النخلة، إنْ قعدت في ظلها أظلتك وإنْ احتطبت من حطبها نفعتك، وإنْ أكلت من ثمرها وجدته طيبا)).